LOGIN
المقالات
alshirazi.org
إلى زوّار الأربعين .. وأنتم في الطريق إلى الإمام سيّد الشهداء عليه السلام
رمز 1290
العلامات
نسخة للطبع ينسخ رابط قصير ‏ 17 صفر الأحزان 1447 - 12 أغسطس 2025

(الزيارة الأربعينية هي اليوم العالمي لتلبية الشعوب للاستنصار الحسيني) سماحة المرجع الشيرازي دام ظله

موقع الإمام الشيرازي

12/صفر/1447هـ

أيها الزوار الكرام .. إن الله تعالى جعل لزوار اﻹمام الحسين (عليه السلام) أجراً عظيماً وخصائص كثيرة، منها غفران الذنوب، وحق الشفاعة لمن يشفعون له، وغيرها، وفقاً لروايات عن المعصومين (عليهم السلام)، الذين حثوا شيعتهم ومحبيهم على زيارة الإمام سيد الشهداء (عليه السلام) ويشجعونهم على ذلك حتى مع وجود الخوف والخطر.

أيها الزوار الكرام .. إنكم متساوون في بعض الأمور، وتتفاوتون في أخرى، فيشملكم جميعاً دعاء أهل البيت (عليهم السلام)، ولكنكم قد تتفاوتون في المنزلة، لذلك يجدر بكم أن تتنافسوا في السعي الى التحلي بالأخلاق الحميدة، والقيام بالأعمال الصالحة، كي ترتفعوا بدرجاتكم ومنازلكم عند الله سبحانه.

أيها الزوار الكرام .. إن زائر اﻹمام الحسين (عليه السلام) يحظى يوم القيامة بخصائص كثيرة كما ورد في رواية عن اﻹمام الباقر (عليه السلام): "يؤمنه الله يوم الفزع الأكبر، وتلقاه الملائكة بالبشارة ويقال له لا تخف ولا تحزن هذا يومك الذي فيه فوزك" (وسائل الشيعة: ج10 – ص356). يقول الإمام الصادق (عليه السلام): "ينادي مناد يوم القيامة: أين شيعة آل محمد؟ فيقوم عنق من الناس لا يحصيهم إلا الله، فيقومون ناحية من الناس، ثم ينادي مناد: أين زوار قبر الحسين؟ فيقوم أناس كثير فيُقال: لهم: خذوا بيد من أحببتم انطلقوا به إلى الجنة فيأخذ الرجل مَنْ أحب، حتى أن الرجل من الناس يقول لرجل: يا فلان أما تعرفني؟ أنا الذي قمت لك يوم كذا وكذا، فيدخله الجنة لا يدفع ولا يمنع" (كامل الزيارات. الشيخ الأقدم القمي: ص166).

لذلك، ينبغي للكرام الأعزة الذين يسخّرون أنفسهم وأموالهم لخدمة الزائرين أن يتمسكوا بالخلق الكريم والسلوك النبيل، ليكونوا زيناً للطيبين الطاهرين محمد وآل محمد (صلوات الله عليهم)، فالزائر هو ضيف البيت النبوي، وينبغي معاملته بوقار ومحبة، وكذلك الزائرة، فيجب إكرامها بحياء وشهامة وحشمة وكرامة، وعلى الزوَار مع بعضهم مثل ذلك، فإن مسؤولية الزيارة الأربعينية تقع على الجميع، يقول سماحة المرجع الشيرازي (دام ظله): "استفيدوا من هذه الزيارة الاستثنائية استفادة استثنائية، ليحاول كل واحد منكم، خلال الأيام التي يقضيها في هذه الزيارة، أن يهتم بمحاسبة نفسه يومياً من أجل إصلاحها، كما أكد الأئمة (عليهم السلام) ذلك".

أيها الزوار الكرام .. هذه زيارة الأربعين صراط التوبة والاستغفار والتطهر، وسبيل محاسبة النفس والعزم على الورع عن محارم الله، فإن طريق زيارة الأربعين لا ينتهي في مدينة كربلاء، يوم العشرين من شهر صفر، بل يبدأ ويتحرك مع الشيعي في كل مكان، وحتى آخر يوم من حياته، لأن الأربعين ليس طريق حزن ومواساة فقط، بل منهج يتجلى في مسيرة مليونية يشترك فيها مؤمنون ومؤمنات أتوا من كل فج عميق، لمراجعة سيرتهم في هذه الحياة، ومن ثم تصحيحها وجعلها مطابقة لسيرة ومنهج الإمام سيد الشهداء الذي يقول: "إنّ شيعَتَنا من سَلُمَتْ قُلُوبُهُمْ مِن كلّ غِشٍّ وَغِلٍّ ودَغَلٍ" (بحار الأنوار: ج65 - ص156). بالتالي، فإن زيارة الأربعين دعوة لجوهر الإيمان الذي يتجلى بالتقوى في القول والعمل، ويظهر من خلال مكارم الأخلاق والسعي الى نفع الناس، وصولاً الى رضا الله سبحانه. وإن طريق زيارة الأربعين هو طريق تقييم وتقويم ومراجعة ومحاسبة وعزم وإرادة لمن يريد الكرامة والسعادة في حياته، ويرغب في النجاة في الآخرة ويفوز فوزاً عظيماً، قال الله تعالى: (ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون)(النور:52). وقال سبحانه: (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم)(الأعراف:96). ويقول الإمام الصادق (عليه السلام): "ليس من شيعتنا مَنْ قال بلسانه وخالفنا في أعمالنا وآثارنا، ولكن شيعتنا مَنْ وافقنا بلسانه وقلبه، واتبع آثارنا وعمل بأعمالنا، أولئك شيعتنا" (بحار الأنوار: ج65 - ص164).

أيها الزوار الكرام .. لقد أوصى الإمام سيد الشهداء (عليه السلام) قائلاً: "أوصيكم بتقوى الله، فإن الله قد ضمن لمن اتقاه أن يحوله عما يكره إلى ما يحب، ويرزقه من حيث لا يحتسب، فإياك أن تكون ممن يخاف على العباد بذنوبهم، ويأمن العقوبة من ذنبه، فان الله تبارك وتعالى لا يُخدَع عن جنته، ولا يُنال ما عنده إلا بطاعته إن شاء الله" (الأنوار البهية. الشيخ عباس القمي: ص45).

أيها الزوار الكرام .. إن الشيعي هو مَنْ وافق المعصومين (عليهم السلام) بلسانه وقلبه، واتبع آثارهم وعمل بأعمالهم!! وأنتم في الطريق الى ضريح الإمام سيد الشهداء تذكروا وصاياه ومواعظه واعزموا على العمل بها، ومما قال (عليه السلام): "إياك وظلم من لا يجد عليك ناصراً إلا الله" (الكافي: ج2 - ص331).

وقال (عليه السلام): "الصدق عِز، والكذب عجز، والسِرُ أمانة، والجِوارُ قَرابة، والمعونة صداقة، والعمل تجربة، والخُلُق الحَسَنُ عبادة، والصمت زَيْن، والشُّحُّ فقر، والسخاء غِنًى، والرِّفقُ لُبٌّ" (كشف الغمة: ج2 – ص29).

وقال (عليه السلام): "مَنْ تعجَّلَ لأخيه خيراً وجَدَه إذا قَدِم عليه غداً، ومَنْ أراد الله بالصنيعة إلى أخيه، كافأه بها في وقتِ حاجته، وصرف عنه من بلاء الدنيا ما هو أكثر منه، ومَنْ نَفَّس كربة مؤمن فرَّج الله عنه كُرَب الدنيا والآخرة، ومَنْ أحسَنَ أحسَنَ اللهُ إليه، والله يحب المحسنين" (بحار الأنوار: ج75 – ص122).

وقال (عليه السلام): "إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ: أيّها الناس، مَنْ كان له على الله أجرٌ فَلْيَقم، فلا يقوم إلا أهلُ المعروف" (بحار الأنوار: ج75 - ص324).

وقال (عليه السلام): "إن الله في عون المؤمن، ما دام المؤمن في عون أخيه المؤمن، ومَنْ نفَّسَ عن أخيه المؤمن كربةٍ مِنْ كرب الدنيا، نفَّسَ الله عنه سبعين كربة من كُرَبِ الآخرة" (بحار الأنوار: ج71 – ص312).

وقال (عليه السلام): "اعْلَمُوا أَنَ‏ حوَائِجَ‏ الناسِ‏ إليكم مِنْ نِعَمِ اللَّهِ عليكم، فلا تَمَلُّوا النِّعَمَ فَتَحُوزُوا نِقَماً" (نزهة الناظر وتنبيه الخاطر. الشيخ الحسين بن محمد الحلواني: ص81).

أيها الزوّار الكرام الكرام .. آمنكم الله القادر الكريم اللطيف الرحيم وحماكم وزادكم فضلاً وخيراً وعزّاً وتوفيقاً.. اللهم آمين رب العالمين

(*)

الغش: في قَلْبِهِ غِشٌّ .. حِقْدٌ وضَغِينَةٌ

غِلُّ: عداوة وحِقدٌ كامن

دَّغَلُ: عيبٌ في الأَمر – عيبٌ يُفسِد القلب